أم عمار

أم عمار

Jordan

عندما شُخِّص ابني على أنه مريض هيموفيليا لم أكن أعرف شيئا عن هذا المرض ، كان وما زال الحالة الوحيدة في العائلة ، عايشت المرض وصارت لديّ خبرة فيه ، عانى صغيري كأي طفل مريض ، ولكن نفسيته والحمد لله كانت جيدة .
هذا الطفل الصغير كان يحب الأطفال ويحب الناس ، كذلك كان يحب اللعب ، ولكنه كان أسير مرضه ، فلم يكن يلعب كالأطفال أي لعبة يشتهيها ، أذكر أنني كنت أحمله يوما في طريقي لزيارة أهلي ، وكان بعض الأطفال يلعبون كرة القدم فأخذ يتفلّت من بين يديّ حتى يلعب معهم وكانت يداي تُحْكِمان الإحاطة به حماية ً له وأكملت طريقي .
منذ صغره أحضر له والده جهاز كمبيوتر ، وكنت حرصا على سلامة عينيه أُعيّن له ثلاث ساعات متفرقة في الأربع والعشرين ساعة يختار منها مشاهدة التلفاز أو استعمال الكمبيوتر .
نظرا لوضعه الصحي لم يدخل ابني الروضة ، علّمته في البيت القراءة والكتابة والحساب ، وما زلت أحتفظ بدفتره الذي شهد أوّل كتابته ، أذكر أنه في يوم استصعب حفظ معاني كلمات باللغة الإنجليزية فألّفت له أغنية تحوي معظم الكلمات فحفظ الأغنية وحفظ معاني الكلمات .
في السادسة من عمره سجّلته في مدرسة خاصة كانت قريبة من منزلنا ، كنت أحمل حقيبته وأرافقه إلى المدرسة ، كنت أبقى معه في الصف إلى أن ينتهي دوامه ثم نعود إلى البيت . بعد ثلاث أو أربع سنوات صرت أوصله إلى المدرسة وأعود إلى البيت ثم في نهاية الدوام أعود وأصطحبه إلى البيت . في الصف السادس صار يذهب وحده إلى المدرسة ويعود وحده .
أنهى الصف السادس وكان عليّ أن أسجله في مدرسة اخرى إذ كان هذا هو الصف الأخير في مدرسته ، أين أسجله ؟ إن سجلته في مدرسة خاصة كان لا بد أن يركب الحافلة ولا تخلو من خطورة ، فقد كنت أرى كيف يتكدس التلاميذ في الحافلات المدرسية وهذا لا يناسب وضعه أبدا ، ولكنني كذلك إنْ سجّلته في مدرسة حكومية لا آمنُ عليه من خطورة تواجده في صفوف مكتظة بالطلاب يصل عددهم إلى الخمسين طالبا .
سجّلته اخيرا في مدرسة حكومية قريبة من بيتنا على أساس الدراسة المنزلية ، فكان يدرس في البيت ، وفي نهاية كل فصل دراسي يذهب إلى المدرسة لتقديم الامتحانات ثم يعود إلى البيت.
مرّت السنوات وأنهى تعليمه المدرسي بتقدير جيد ، ثم التحق بالجامعة لدراسة علم الحاسوب الذي يحبه ، هو طالب متميز ومبرمج على طريق النجاح إن شاء الله تعالى .

Share this story / Partager cette histoire / Compartir esta historia

أم عمار

Jordan

Share this story / Partager cette histoire / Compartir esta historia